هناك مجموعة مهمة من الأسئلة التي تتعلق بالقرينة منها؛ هل يجوز أن تتحول القرينة القضائية إلى قانونية ؟ وهل يمكن أن تصطبغ القرينة القضائية بطابع آمر؟ وهل القرينة القانونية والقرينة القضائية تقومان على فكرة واحدة، كما نرى أن هناك فروق بين القرائن القانونية والقرائن القضائية، يمكن تلخيصها بما يأتي: ـ
1 ـ أن القرائن القضائية من عمل القاضي، فالتقدير الذي يعطيه للدلائل هو وحده الذي يمنحها قوة معينة في الإثبات ، أما القرائن القانونية فإن القانون هو الذي يحدد الدلائل التي ترتبط بها القرينة والقوة الثبوتة للقرينة ، ويتضاءل دور القاضي إلى الحد الأدنى المتمثل في تطبيق قاعدة الإثبات القانونية على النزاع الذي هو مكلف بحسمه.
2 ـ تعد القرينة القضائية طريقاً للإثبات، في حين أن القرينة القانونية ليست طريقاً للإثبات ، بل هي إعفاء منه أو كما نصت المادة (١٥٥/أ) إثبات يمني “بأنها تغني من تقررت لمصلحته عن أي دليل آخر من أدلة الإثبات”.
3 ـ تقوم القرينة القانونية على الراجح الغالب الوقوع ومقررة في صيغة عامة مجردة ، لذلك يقتضي جواز إثبات عكسها في كل حالة معينة. في حين أن القرائن القضائية دلالتها غير قطعية فتقبل إثبات العكس بصورة دائمة وفي جميع الأحوال.
4- للمحكمة أن تأخذ بالقرينة القضائية التي يمكن استنباطها من وقائع الحال وإن تعتبرها دليلاً كاملاً على الواقعة المراد إثباتها في الأحوال التي يجوز فيها ذلك وهي الأموال والحقوق ويجوز للخصم أن يثبت أنها غير صحيحة بالبينة القانونية.
في حين أن القرينة القانونية تعفى من الإثبات كما نصت المادة ٧٢٢ من القانون المدني اليمني على أن (الوفاء بقسط الأجرة لمدة متأخرة قرينة على الوفاء بالأقساط للمدد السابقة عليها ما لم يقم دليل على عكس ذلك). فالوفاء بقسط من الأجرة يعد قرينة قانونية على الوفاء بالأقساط السابقة عليه مهما كان مقدار القسط.
هل يجوز أن تتحول القرينة القضائية إلى قانونية ؟
يجوز أن تتحول القرينة القضائية إلى قانونية إذا تكررت القرينة القضائية في العمل مثال ذلك تعدد سوابق مرتكبي جرائم التزوير أو السرقة فهذا يعد قرينة قانونية على خطورة هؤلاء في هذا المجال.
وقد يتدخل المشرع فيحول القرينة القضائية الى مرتبة القرينة القانونية عن طريق النص عليها في القانون، فالمشرع يرى أن في اضطراد المحاكم على الأخذ بقرينة معينة ، بحيث لم تصبح هذه القرينة متغيرة الدلالة من قضية إلى أخرى مما يجعلها جديرة بأن ينص على توحيد دلالتها ، فتصبح بذلك قرينة قانونية.
هل يمكن أن تصطبغ القرينة القضائية بطابع آمر؟
القرينة القانونية لها طابع الزامي، ومع ذلك فإن القرينة القضائية يمكن أن تصطبغ بطابع آمر، عندما تكون هناك منازعات متماثلة في الوقائع ووحدة الحلول التي قد تتمثل في تحديد وجه معين لإثبات بعض هذه الوقائع.
وقد ينتهي الأمر باستخلاص قرينة معينة من واقعة محددة، فإذا تكرر العمل على استخلاص هذه القرينة من هذه الواقعة المحددة في قضايا من نوع معين واضطر القضاء على تطبيقها عند تحقق الواقعة التي استمدت منها، فإن هذه القرينة تصبح ملزمة لقاضي لتواتر العمل عليها أمام المحاكم ، بل ويعتمد عليها الخصوم انفسهم للدفاع عن وجهة نظرهم.
هل تقوم القرينة القانونية والقضائية على فكرة واحدة؟
القرينة القانونية والقرينة القضائية تقومان على فكرة واحدة هي فكرة ما هو راجح الوقوع وهما من طبيعة واحدة من حيث التكيف، لأن كل منهما ينطوي على إثبات غير مباشر ، مقتضاه أن ينتقل محل الإثبات من الواقعة المتنازع فيها إلى واقعة أخرى متصلة أو مجاورة يسهل اثبتها ، بحيث إذا ثُبِتت أُعتبر ثُبوتها دليلاً على صحة الواقعة الأولى ، أي الواقعة المتنازع فيها ، وهذا يتم وفقاً لفكرة تحول الإثبات التي يستند إليها الإثبات غير المباشر.